إنّ الفساد ليس بجريمة دون ضحايا. إذ أنّه مشكلة متعددة الأبعاد ذات أثر سلبيّ يعود على حقوق الإنسان، وسيادة القانون، والديمقراطية. وهو بالتالي، يؤدي إلى تقويض الثقة والتماسك الاجتماعي، ويعمّق الفجوات ويزيد من حدّة اللامساواة. كما يعرقل التنمية والسلام والأمن، ويتسبب في أضرار بيئية

ويمكن أن يتخذ الفساد أشكالًا متعددة ويخلّف عواقب وخيمة في جميع البلدان، بصرف النظر عن مستوى تطورها. كما يصبح أثره أكثر تدميرًا في أوقات الأزمات. ويعتبر التقييم في مواجهة هذا التحدي ذي العواقب الوخيمة أمرًا ضروريًا لتعزيز الشفافية. فهو يتيح تقييم نقاط القوة والتحديات في سياق تنفيذ معايير الشفافية، كما أنّه يُعدّ وسيلة فعّالة لاستكشاف جدوى اتخاذ المزيد من الإجراءات للانتقال من النظرية إلى التطبيق

في هذا السياق، يؤدّي البرلمانيون دورًا محوريًا في تقييم وسائل مكافحة الفساد من خلال اعتماد التشريعات والموازنات العامة، وكذلك الإشراف على قوانين وسياسات الحكومات وتنفيذ التوصيات الناتجة عن التصديق على المعاهدات والصكوك الدولية

إزاء هذه الحقيقة، قامت المنظمة العالمية للبرلمانيين المناهضين للفساد (GOPAC) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بإعداد دليل "أداة تقييم مكافحة الفساد للبرلمانيين" في عام 2013. وذلك بهدف دعم الدور الحيوي للبرلمانيين في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC). وقد تم اختباره بنجاح في كل من بوركينا فاسو وغانا وقرغيزستان والمغرب وتيمور-ليستي. وتم تصميم هذا الدليل خصيصًا للبرلمانيين، إذ يركّز على دورهم في ضمان التنفيذ الفعال لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد

ونظرًا لأهمية تعزيز القدرات من خلال منهجيات تعليمية مبتكرة للاستفادة من تجربة البرلمانيين، تعاونت المنظمة العالمية للبرلمانيين المناهضين للفساد (GOPAC) مع معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) لتوحيد خبراتهم الفنية ومعرفتهم العملية وتحويل هذا الدليل إلى دورة تدريبية إلكترونية

وفي هذا الصدد، يأتي نشر المعرفة حول تقييم مكافحة الفساد بمثابة الأداة الفعّالة التي من شانها تحسين حياة الأفراد والمجتمعات. فهو يهدف إلى تغيير المؤسسات الاجتماعية التمييزية، والقوانين، والمعايير الثقافية، والممارسات المجتمعية. ومن ثم، إنشاء مساحات ومبادرات لرفع الوعي، من قبيل هذه الدورة التدريبية الإلكترونية، والتي تمثل فرصة لتعزيز القدرات سعياً إلى بناء ثقافة التعلم